ليالي الظلام
ما لِليالي المُظلِماتِ تَلفُّني = حينَ الصَّباحِ فَلا يَبينُ نَهاري لا زلتُ أَبكي، والدُّموعُ عزيزةٌ = قهْرَ الحَياةِ، وسَوءةَ الأَخبارِ في كُلِّ قُطْرٍ للظَّلامِ مَذابحٌ = نَصَبوا علَيها الحُلمَ للجَزَّارِ حلمَ الشَّبابِ الرَّاغبينَ لقَومِهم = حريةً مِن قَيدِ الاستِعمارِ حريةً تُحْيي النُّفوسَ، يَقودُها = شرْعُ الإلهِ الواحِدِ القَهَّارِ حريَّةً تَسْري فنُبصِرُ دَرْبَنا = بالحَقِّ بعدَ ضَلالةِ الأَفكارِ **** ذبَحوهُ في "سُرْيا" بمُدْيَةِ جازِرٍ = فاقَ الطُّغاةَ وسائرَ الأَشرارِ دكُّوا "حماةَ"، و"غُوطَةَ الشامِ" التي = جاءَتْ فَضائلُها لَدى الآثارِ "حِمْصُ الشَّهيدةُ" لا تَزالُ شَهيدةً = قصْفًا أحالَ جنانَها لصَحاري واهًا لـ"دَرْعا"؛ إذ أرادُوا مَحْوَها = فرَموا ببِرْميلٍ عَظيمَ دَمارِ! و"دمشقُ" تَدمَى، لا تَجفُّ دماؤها = مِن طعنةٍ في القَلبِ مِن بَشارِ ذبحوهُ في بَغدادَ بالكفِّ التي = قتلَتْ كِفاحَ عَشائرِ الأَنبارِ **** صلبُوهُ في اليمَنِ السعيدِ لِماكرٍ = حتَّى أحالَ الحُلمَ نثْرَ غُبارِ صنعاءُ، كيفَ فَتحتِ بابَكِ للعِدا = حتَّى أتوكِ بكلِّ ذئبٍ ضارِ؟! عَبَثَ الخبيثُ بسَعدِها وبخَيرِها = حتَّى تَنادَى أهلُها للثارِ قالوا: نُفاوِضُ، مَن سيَحكمُ شَعبنا؟ = وأتَوا بمُؤتمرٍ لذا وحِوارِ! لكنَّ قومًا بالجَنوبِ تغاضَبُوا = قالُوا: الجنوبُ المستقلُّ، حَذارِ صاحُوا: الجنوبُ المستقلُّ أقامَه = شعبٌ أبيٌّ لا يَلينُ لشارِي! وتمزَّق اليمنُ السعيدُ، فهالَني = ما قدْ أتَى "الحوثيُّ" مِن أوزارِ هل كانَ حلمُ الشَّعبِ جدَّ جريمةٍ = تَستَوجِبُ التَّقطيعَ للأَوصارِ؟! **** صلَبُوهُ في الخَضراءِ صلْبَ مُزارعٍ = للمُومِياتِ ليُرهِبَ الكنَّاري خافَ المُزارعُ أن يحلَّ بشوكِه = طيرٌ يُبدِّلُ خُضرةً ببَوارِ! خافُوا لتُونُسَ أن تَعودَ مَنارةً = فأتَى "السِّبِسِّي" مُطفِئُ الأَنوارِ! **** "لِبيا" تُدافعُ عن بَقايا حُلمِها = كَي لا يَموتَ بمِدفَعِ الحَفتارِ[1] غاوٍ بـ"طبرقَ" قد أقامَ حُكومةً = ظنَّ الأُباةَ بغَفوةِ الأَسحارِ لكنَّهم لَبِسوا السلاحَ وكشَّروا = عن نابِ ليثٍ فاتكٍ هصَّارِ في أرضِ "لبيا" للإلهِ كتائبٌ = باعُوا النُّفوسَ، وحبَّذا مِن شارِي دكُّوا حصونَ الظَّالمين وشيَّدوا = حِصنًا يَقيهم صولةَ الأغْيارِ ******* إنَّا لنَبَرأُ مِن عَساكِرَ غُصَّبٍ = قتَلوا تُقاةَ شَبابِنا بالنَّارِ هم خانِقُو الحلمِ الجميلِ بمِصْرِنا = كم ذاقَ مِن فتْكٍ به وضِرارِ! كم ذاقَ ويلاتِ العَذابِ بمَكرِهم = حتى ظَننتُ الحُلْمَ فارَقَ دارِي! كم دامعٍ في إثْرِ حُلمٍ راحِلٍ = ومُضاحِكٍ للحُلْمِ قَيْدَ إسارِ! يا لَوعتي، كم مِن شَبابٍ كُمَّلٍ = فقَدوا الحَياةِ بزَهرةِ الأَعْمارِ! يا دَمعتي في إثْرِ كلِّ مودَّعٍ = زُفِّي الشهيدَ لِمَوئلِ الأَطهارِ! كَم مِن شَهيدٍ قد تبسَّم ضاحِكًا = نالَ المُنى في مَوكِبِ الأَبرارِ! في كلِّ يومٍ للجِنان قَوافلٌ = تَشكُو الطُّغاةَ لقاهِرٍ جبَّارِ! لا تحسبنَّ اللهَ يَغفلُ عنهُمُ = وهو العليمُ بخافتِ الأَسرارِ لكنها سُننُ الإلهِ، وإنَّه = يُملي الظلومَ لشَخصةِ الأَبصارِ وسيُنصَرُ المَظلومُ يومًا، فارتَقِبْ = ويَسودُ فينا صفوةُ الأَحرارِ سَأظلُّ أَحلُمُ بالحَياةِ لأُمَّتي = وأظَلُّ مُرتقِبًا بُزوغَ نَهارِ سَيُطلُّ فجْرٌ إنْ تَطاوَلَ ليلُنا = ويُبدِّدُ الظُّلماتِ ضوءٌ سارِي |