أين قلبي؟!
أين قلبي؟!
ضلَّ منِّي في الدُّجى وسْطَ الزِّحامِ
ضاعَ منِّي غَفلةً بَينَ الأَنامِ
خافتُ النُّورِ تَلاشى في الظَّلامِ
وأنا أَمضي مُضيَّ المُستَهامِ!
فأُنادِي.. وأُنادِي... أينَ قَلْبي؟!
***
ويحَ قَلبي مِن ظَلامٍ حالِكِ!
كانَ كَالبَدرِ المُضيءِ مَحالِكِي!
كمْ أفاضَ النُّورَ بَينَ مَسالِكِي!
ثمَّ أَمسى بَينَ مَوجِ مَهالِكي!
وأنا أَبحَث أَبكِي: أينَ قَلبي؟!
****
ويحَ عَيني..!
كنتُ أَرجُو أنْ تَقيني لفْحَ نارِ
أن تَرى الرَّحمنَ في دارِ العَمارِ
كمْ أطافَتْ بينَ أنوارِ النَّهارِ
نُكِّبَ الطرفُ حَسيرًا في البَوارِ!
فضَلْلتُهْ... تاهَ منِّي.. أين قَلبي؟!
****
يا إلهي..
مِن أسيرٍ ملَّ أَسرًا قد بَراهُ!
مِن أسيرٍ ملَّ أَسرًا قد بَراهُ!
فُكَّ قَيدِي، وامحُ وِزرًا قد عَلاهُ
واهدِمِ السُّورَ الَّذي ذَنبِي ابْتَناهُ
واهدِنِي للحقِّ يُزْجِي[1]مِن سَناهُ
واعفُ عنِّي.. يا إِلهي.. رُدَّ قَلبي!
*****
خابَ عبدٌ ضلَّ سَعيًا في الحياةِ
كانَ يَلهُو في الدِّيارِ الفانياتِ
خاصَمَ القُرآنَ، يَغفُو عَن صَلاةِ
سارَ يَبكي في الصَّحارِي القَاحلاتِ
تاهَ في الصَّحراءِ يَهْذِي: أَينَ دَربي؟!
*****
قد سجدتُ، ثمَّ أدمنتُ السُّجودْ
وقرأتُ الوِردَ مِن بَعدِ الصُّدودْ
فرأيتُ النُّورَ يَسْرِي فِي الوُجودْ
وإذا بِالقَلْبِ يَحْيا مِن جَديدْ
وِإِذا الجنَّاتُ قدْ فاحَتْ بقُرْبِي!
[1] - زجى الشيء وأزجاه: ساقه ودفَعه، والرِّيح تُزجي السَّحابَ؛ أي: تَسوقه سوقًا رفيقًا؛ لسان العرب (14/ 355).